فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال بعضهم: لا نسخ لأن المراد هنا ترك النزاع في المحقرأت والتجاوز عن بعض ما يؤذي ويوحش. وحكى النحاس والمهدوي عن ابن عباس أنها نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه ستمه مشرك بمكة قبل الهجرة فهم أن يبطش به فنزلت وروي ذلك عن مقاتل وهذا ظاهر في كونها مكية كاخواتها.
وارادة فهم أن يبطش به بعد الهجرة لأن المسلمين بمكة قبلها عاجزون مقهورون لا يمكنهم الأنتصار من المشركين والعاجز لا يأمر بالعفو والصفح غير ظاهر محتاج إلى نقل. ودوام عجز كل من المسلمين غير معلوم بل من وقف على أحوال أبي حفص رضي الله تعالى عنه لا يتوقف في أنه قادر على ما هم به لا يبالي بما يترتب عليه.
وهذا أولى في الجواب من أن يقال: إن الأمر بفعل ذلك بينه وبين الله تعالى بقلبه ليثاب عليه. نعم قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه نزلوا في غزوة بني المصطلق على بئر يقال له المريسيع فأرسل ابن أبي غلامه ليستقي فأبطأ عليه فلما أتاه قال له: ما حبسك؟ قال: غلام عمر قعد على طرف البئر فما ترك أحدًا يستقي حتى ملأ قرب النبي صلى الله عليه وسلم وقرب أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال ابن أبي: ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل سمن كلبك بأكلك فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فاشتمل سيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالى الآية؛ وحكاه الإمام عن ابن عباس وهو يدل على أنها مدنية. وكذا ما روي عن ميمون بن مهران قال: إن فنحاصا اليهودي قال: لما أنزل الله تعالى: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] احتاج رب محمد فسمع بذلك عمر رضي الله تعالى عنه فاشتمل سيفه وخرج فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبه حتى رده ونزلت الآية {ليَجْزيَ قَوْمًا بمعا كَانُوا يكْسبُونَ} تعليل للأمر بالمغفرة. وجوز أن يكون تعليلًا للأمر بالقول لأنه سبب لامتثالهم المجازي عليه. والمراد بالقوم المؤمنون الغافرون والتكير للتعظيم. ولفظ القوم في نفسه اسم مدح على ما يرشد إليه الاشتقاق والاستعمال في نحويا ابن القوم.
وفي هذا التنكير كمال التعريف والتنبيه على أنهم لا يخفون نكروا أو عرفوا مع العلم بأن المجزي لا يكون إلا العامل وهو الغافر ههنا أي أمروا بذلك ليجزي الله تعالى يوم القيامة قومًا أيما قوم وقومًا مخصوصين بما كسبوا في الدنيا من الأعمال الحسنة التي من جملتها الصبر على أذية الكفار والأغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المروه ما لا يحيط به نطاق البيان من الثواب العظيم. ومنهم من خص ما كسبوه بالمغفرة والصبر على الأذية. و{مَا} في الوجهين موصولة وجوز أن تكون مصدرية. والباء للسببية أوللمقابلة أوصلة يجزي. وجوز أن يراد بالقوم الكفرة وبما كسبوا سياتهم التي من جملتها إيذاؤهم المؤمنين والتنكير للتحقير: وتعقب بأن مطلق الجزاء لا يصلح تعليلًا للأمر بالمغفرة لتحققه على تقديري المغفرة وعدمها فلابد من تخصيصه بالكل بأن لا يتحقق بعض منه في الدنيا أوبما يصدر عنه تعالى بالذات. وفي ذلك من التكلف ما لا يخفى. وأن يراد كلا الفريقين والتنكير للشيوع. وتعقب بأنه أكثر تكلمًا وأشد تمحلًا. والذي يشهد للوجه السابق ما روي عن سعيد بن المسيب قال: كنا بين يدي عمر رضي الله تعالى عنه فقرأ قارئ هذه الآية فقال: ليجزي عمر بما صنع. وقرأ زيد بن علي وأبوعبد الرحمن والأعمش وأبوخليد وابن عامر وحمزة والكسائي {لنجزي} بنون العظمة. وقرئ {الأرض لِيَجْزِيَ} بالياء والبناء للمفعول {قَوْمٌ} بالرفع على أنه نائب الفاعل.
وقرأ شيبة وأبو جعفر بخلاف عنه كذلك إلا إنهما نصبًا {قَوْمًا} وروي ذلك عن عاصم. واحتج به من يجوز نيابة الجار والمجرور عن الفاعل مع وجود المفعول الصريح فيقول: ضرب بسوط زيدًا فبما كسبوا نائب الفاعل ههنا ولا يجيز ذلك الجمهور. وخرجت هذه القراءة على أن القائم مقام الفاعل ضمير المصدر أي ليجزي هو أي الجزاء.
ورد بأنه لا يبقام مقماه عند وجود المفعول به أيضًا على الصحيح. وأجازه الكوفيون على خلاف في الإطلاق والاستحسان أو على أنه ضمير المفعول الثاني وهو الجزاء بمعنى المجزي به كما في قوله تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ جنات عَدْنٍ} [البينة: 8] وأضمر لدلالة السياق كما في قوله سبحانه: {ولاِبَوَيْهِ} [النساء: 11] والمفعول الثاني في باب أعطى يقوم مقام الفاعل بلا خلاف وهذا من ذاك. وأبو البقاء اعتبر الخير بدل الجزاء المذكور أو على أن {قَوْمًا} منصوب بأعني أوجزي مضمرًا لدلالة المجهو ل على أن ثم جازيًا واختاره أبو حيان. و{لِيَجْزِيَ} حينئذ من باب يعطي ويمنع وحيل بين العير والنزوان فمعناه ليفعل الجزاء ويكون هناك جملتان.
{مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} لا يكاد يسري عمل إلى غير عامله {ثُمَّ إلى رَبّكُمْ} مالك أموركم {تُرْجَعُونَ} فيجازيكم على أعمالكم حسبما تقتضيه الحكمة خيرًا على الخير وشرًا على الشر. والجملة مستأنفة لبيان كيفية الجزاء. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ}.
استئناف ابتدائي للأنتقال من التذكير بما خلق الله من العوالم وتصاريف أحوَالِها من حيث إنها دلالات على الوحدانية. إلى التذكير بما سخر الله للناس من المخلوقات وتصاريفها من حيثُ كانت منافع للناس تقتضي أن يشكروا مقدِّرها فجحدوا بها إذ توجهوا بالعبادة إلى غير المنعم عليهم. ولذلك عُلق بفعليْ {سخر} في الموضعين مجرور بلام العلة بقوله: {لكم}؛ على أن هذه التصاريف آيات أيضًا مثلُ اختلاف الليل والنهار. وما أنزل الله من السماء من ماء. وتصريف الرياح. ولكن لُوحظ هنا ما فيها من النعم كما لوحظ هنالك ما فيها من الدلالة. والفَطِنُ يَستخلص من المقامين كلا الأمرين على ما يشبه الاحتباك.
ومناسبة هذا الأنتقال واضحة.
واسم الجلالة مسند إليه والموصول مسند. وتعريف الجزأين مفيد الحصر وهو قَصر قلب بتنزيل المشركين منزلة من يحسب أن تسخير البحر وتسخير ما في السماوات والأرض إنعام من شركائهم كقوله تعالى: {هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء} [الروم: 40]. فكان هذا القصر إبطالا لهذا الزعم الذي اقتضاه هذا التنزيل.
وقوله: {لتجري الفلك فيه} بَدل اشتمال من {لكم} لأن في قوله: {لكم} إجمالًا أريد تفصيله.
فتعريف {الفلك} تعريف الجنس. وليس جري الفلك في البحر بنعمة على الناس إلا باعتبار أنهما يجرونهما للسفر في البحر فلا حاجة إلى جعل الألف واللام عوضًا عن المضاف إليه من باب {فإن الجنة هي المأوى} [النازعات: 41].
وعطف عليه {ولتبتغوا من فضله} باعتبار ما فيه من عموم الاشتمال. فحصل من مجموع ذلك أن تسخير البحر لجري الفلك فيه للسفر لقضاء مختلف الحاجات حتى التنزه وزيارة الأهل.
وعطف {ولعلكم تشكرون} على قوله: {لتجري الفلك فيه} لا باعتبار ما اشتمل عليه إجمالًا. بل باعتبار لفظه في التعليق بفعله.
وهذا مناط سَوق هذا الكلام. أي لعلكم تشكرون فكفرتم. وتقدم نظير مفردات هذه الآية غير مرة ما أغنى عن إعادته.
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}.
هذا تعميم بعد تخصيص اقتضاه الاهتمام أولا ثم التعميم ثانيًا.
و{ما في السموات وما في الأرض} عام مخصوص بما تحصل للناس فائدة من وجوده: كالشمس للضياء. والمطر للشراب. أو من بعض أحواله: كالكواكب للاهتداء بها في ظلمات البر والبحر. والشجر للاستظلال. والأنعام للركوب والحرث ونحوذلك.
وأما ما في السماوات والأرض مما لا يفيد الناس فغير مراد مثل الملائكة في السماء والأهوية المنحبسة في باطن الأرض التي يأتي منها الزلزال.
وانتصب {جميعًا} على الحال من {ما في السموات وما في الأرض}.
وتنوينه تنوين عوض عن المضاف إليه. أي جميع ذلك مثل تنوين (كل) في قوله: {كلًا هدينا} [الأنعام: 84].
و(من) ابتدائية. أي جميع ذلك من عند الله ليس لغيره فيه أدنى شركة.
وموقع قوله: {منه} موقع الحال من المضاف إليه المحذوف المعوّض عنه التنوين أو من ضمير {جميعًا} لأنه في معنى مجموعًا.
{مِّنْهُ إِنَّ في ذَلِكَ لآيات لِّقَوْمٍ}.
أي في ذلك المذكور من تسخير البحر وتسخير ما في السموات والأرض دلائل على تفرد الله بالإلهية فهي وإن كانت مننًا يحق أن يشكرها الناس فإنها أيضًا دلائل إذا تفكر فيها المنعَم عليهم اهتدوا بها. فحصلت لهم منها ملائمات جسمانية ومعارف نفسانية. وبهذا الاعتبار كانت في عداد الآيات المذكورةِ قبلها من قوله: {إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين} [الجاثية: 3]. وإنما أُخرت عنها لأنها ذكرت في معرض الامتنان بأنها نعم. ثم عُقبت بالتنبيه على أنها أيضًا دلائل على تفرد الله بالخلق.
وأوثر التفكر بالذكر في آخر صفات المستدلين بالآيات. لأن الفكر هو منبع الإيمان والإيقان والعلم المتقدمة في قوله: {لآيات للمؤمنين} [الجاثية: 3] {آيات لقوم يوقنون} [الجاثية: 4] {آيات لقوم يعقلون} [الجاثية: 5].
{قُلْ لِلَّذِينَ آمنوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}.
إن كانت هذه متصلة بالاي التي قبلها في النزول ولم يصح ما روي عن ابن عباس في سبب نزولها فمناسبة وقعها هنا أن قوله: {ويل لكل أفّاك أثيم} إلى قوله: {لهم عذاب من رجز أليم} [الجاثية: 7 11] يثير غضب المسلمين على المستهزئين بالقرآن.
وَقد أخذ المسلمون يعتزون بكثرتهم فكان ما ذكر من استهزاء المشركين بالقرآن واستكبارهم عن سماعه يتوقع منه أن يبطش بعض المسلمين ببعض المشركين. ويحتمل أن يكون بَدَرَ من بعض المسلمين غضب أوتوعد وأن الله علم ذلك من بعضهم.
قال القرطبي والسدي: نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة أصابهم أذى شديد من المشركين فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم الله بالتجاوز عن ذلك لمصلحة في استبقاء الهدوء بمكة والمتاركة بين المسلمين والمشركين ففي ذلك مصالح جمّة من شيوع القرآن بين أهل مكة وبين القبائل النازلين حو لها فإن شيوعه لا يخلومن أن يأخذ بمجامع قلوبهم بالرغم على ما يبدونه من إِعراض واستكبار واستهزاء فتتهَيَّأ نفوسهم إلى الدخو ل في الدين عند زوال ممانعة سادتهم بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وبعد استئصال صناديد قريش يوم بدر.
وقد تكرر في القرآن مثل هذا من الأمر بالصفح عن المشركين والعفوعنهم والإعراض عن أذاهم. ولكن كان أكثر الآيات أمرًا للنبيء صلى الله عليه وسلم في نفسه وكانت هذه أمرًا له بأن يبلغ للمؤمنين ذلك. وذلك يشعر بأن الآية نزلت في وقت كان المسلمون قد كثروا فيه وأحسّوا بعزتهم.
فأمروا بالعفو وأن يكلوا أمر نصرهم إلى الله تعالى. وإن كانت نزلت على سبب خاص عرض في أثناء نزول السورة فمناسبتها لأغراض السورة واضحة لأنها تعليم لما يصلح به مقام المسلمين بمكة بين المضادين لهم واحتمال ما يلاقونه من صَلفهم وتجبرهم إلى أن يقضي الله بينهم.
وقد روي في سبب نزولها أخبار متفاوتة الضعف. فروى مكي بن أبي طالب أن رجلًا من المشركين شتم عمر بن الخطاب فَهَمّ أن يبطش به قال ابن العربي: (وهذا لم يصح).
وفي (الكشاف) أن عمر شتمه رجل من غِفار فَهَمَّ أن يبطش به فنزلت.
وعن سعيد بن المسيب (كنا بين يدي عمر بن الخطاب فقرأ قارئ هذه الآية فقال عمر: ليَجزِيَ عُمَرَ بما صنع) يعني أنه سبب نزول الآية.
وروى الواحدي والقشيري عن ابن عباس: إنها نزلت في غزوة بني المصطلق: نزلوا على بئر يقال لها: المُرَيْسِيع فأرسَل عبدُ الله بن أُبَيّ غلامه ليستقي من البئر فأبطأ. فلما أتاه قال: ما حسبك.
قال: غلام عُمر قعد على فم البئر فما ترك أحدًا يسقي حتى مَلأ قِرَبَ النبي صلى الله عليه وسلم وقِرَب أبي بكر ومَلأ لمو لاه. فقال عبد الله بن أُبيّ: ما مَثلُنا ومثَلُ هؤلاء إلا كما قال القائل: (سَمِّن كلبَك يأكُلك) فهَمَّ عمر بن الخطاب بقتله. فنزلت.
وروى ابن مهران عن ابن عباس لما نزل قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا} [البقرة: 245] الآية قال فنحاص اليهودي: احتاج ربّ محمد. فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه فنزلت الآية. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه فلما جاء قال: ضع سيفك.
وهاتان روآيتان ضعيفتان ومن أجلهما روي عن عطاء وقتادة وابن عباس أن هذه الآية مدنية.
وأقرب هذه الأخبار ما قاله مكي بن أبي طالب.
ولوصحت ما كان فيه ما يفكك انتظام الآيات سواء صادف نزولها تلك الحادثة أوأمر الله بوضعها في هذا الموضع.
وجزْم {يغفروا} على تقدير لام الأمر محذوفًا. أي قل لهم ليغفروا. أوهومجزوم في جواب {قل}. والمقول محذوف دل عليه الجواب.
والتقدير: قل للذين آمنوا اغفروا يغفروا.
وهذا ثقة بالمؤمنين أنهم إذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم امتثلوا.
والوجهان يتأتَّيان في مثل هذا التركيب كلما وقع في الكلام. وقد تقدم عند قوله تعالى: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة} في سورة إبراهيم (31).
و{الذين لا يرجون أيام الله} يراد بهم المشركون من أهل مكة.
والرجاء: ترقب وتطلب الأمر المحبوب. وهذا أشهر إطلاقاته وهو الظاهر في هذه الآية.
والأيام: جمع يوم. وهذا الجمع أو مفرده إذا أضيف إلى اسم أحد أوقوم أوقبيلة كان المراد به اليوم الذي حصل فيه لمَن أضيف هو اليه نَصر وغلب على معاند أو مقاتل. ومنه أطلق على أيام القتال المشهورة بين قبائل العرب: أيامُ العرب. أي التي كان فيها قتال بين قبائل منهم فانتصر بعضهم على بعض. كما يقال أيام عبس. وأيام داحس والغبراء. وأيام البَسوس. قال عمرو بن كلثوم:
وأيام لنَا غرٌّ طِوال ** عَصينا المَلْك فيها إن نَدِينا

فإذا قالوا: أيام بني فلان. أرادوا الأيام التي انتصر فيها من أضيفت الأيام إلى اسمه. ويقولون: أيام بني فلان على بني فلان فيريدون أن المجرور بحرف الاستعلاء مغلوب لتضمن لفظ {أيام} أو(يوم) معنى الأنتصار والغلب.
وبذلك التضمّن كان المجرور متعلقًا بلفظ {أيام} أو(يوم) وإن كان جامدًا. فمعنى {أيام الله} على هذا هو من قبيل قولهم: أيام بني فلان. فيحصل من محمل الرجاء على ظاهر استعماله.
ومحمل {أيام الله} على محمل أمثاله أن معنى الآية للذين لا تترقب نفوسهم أيام نصر الله. أي نصر الله لهم: إما لأنهم لا يتوكلون على الله ولا يستنصرونه بل توجّههم إلى الأصنام. وإما لأنهم لا يخطر ببالهم إلا أنهم منصورون بحو لهم وقوتهم فلا يخطر ببالهم سؤال نصر الله أو رجاؤه وهم معروفون بهذه الصلة بين المسلمين فلذلك أجريت عليهم هنا وعرفوا بها.
وأوثر تعريفهم بهذه الصلة ليكون في ذلك تعريض بأن الله ينصر الذين يرجون أيام نصره وهم المؤمنون.